الخميس، 2 يونيو 2016

بؤس العالم أو حينما يموت الضمير البشري وتنهارمنظومة القيم ويصمت الحق وينطق الظلم بؤسا

بــــــــــؤس العـــــــالــم

     لعل المتتبع للمشهد العربي في ظل خريف مقيت، ليدرك دون عناء شديد طبيعة الفكر العربي وبنيته المشكلة له. طموحات وأحلام شعوب تجهض، وأطفال في مقتبل العمر تقتّل، ونساء تهان، رجالات تسحل، على مرآى ومسمع العالم الأبكم والأخرس. هذا العالم الذي  لم يحركه حس الأمومة والطفولة، ولا الشعور الإنساني المشترك الذي نتقاسمه ربما مع الجميع. المشهد البؤس والمعاناة ينتج نفسه دون جديد، كأن النظريات الفكرية والتراكمات البشرية المؤطرة للفكر الثوري والنضالي والإنساني لا تتواءم والواقع المعيش، ولا أهمية لها في تربة تنطق بلسان عربي وتلبس عباءة الإسلام. حكام لا يسري عليهم قانون البشر، فهم فوق القانون، ولا تدركهم القواعد الإنسية، لا رقيب ولا حسيب. الفوضى تنتشي فرحا بانتصارها على الضمير الكوني للإنسانية بتواطؤ مع حكام الشعوب، كلما خطى الإنسان خطوة نحو إنسانيته، تدخلت بجبروتها لتعيد تشكيل نفس الوضع البئيس بمئات الاشكال، حتى أصبحت الشعوب تتمنى الموت على أن تعيش هذه المأساة، وكأني أقف على كنه وحقيقة ما قاله سوفكليس قبل آلاف السنين حين أكد على أن " عدم ولادتك قد تكون أعظم ولادة ".
      ماذا يطلب الإنسان العربي حتى يستحق كل هذا العنف؟ وهل مطلب العيش الكريم جناية في حق الوطن؟ أليس الأجدر بالحكام توجيه بنادقهم الديكتاتورية في وجه الفساد والمفسدين الذين ألفوا العيش بالمتاجرة  بدماء الفقراء؟ أم أن وجودهم ضروري لاستقرار الشعوب لأنهم يحكمون بتفويض من السماء وبمباركتها؟
      إن حق الديمقراطية حق شرعي لكل الشعوب، وما التظاهرات الحاصلة عبر العالم إلا دليل على توق الإنسان إلى التحرر والعيش الكريم على أساس الكرامة للجميع. كما إن الدماء الطليلة المخضوبة على الأجساد البريئة لن تذهب سدا، ستبقى شاهدة على تاريخ الصراع من أجل الحق، تحكي بطولات نساء ورجال وأطفال، وتبقى مرجعا محفورا في جباه الظلم، صارخا بأعلى أصوات الحق بأن لنا حق لن يزهق، ولن يطويه النسيان مهما تحايل الطغاة.
       هذه الأصوات البريئة المؤمنة الحالمة والحاملة في عروقها قضية الإنسان، لن تسمح بوفاتها أن تمنح فرصة لتحقيق الظلم والاستبداد، بل ستقف صخرة صماء لا تزحزحها المصالح الضيقة، ولا نزوات إنسان فانية. وليحكي التاريخ، وليسجل في لوائح الضمير الإنساني، صمود الإنسان الحر في المبادئ والأفكار.

        أرادوا تشويه الإنسان، ويلطخوا صورته الناصعة  بألاعيب شيطانية تعودوا على نسجها مع زبانية الباطل، لكن شجرة الحق جذورها ضاربة في العمق، لن تقتلعها معاولهم المتواطئة، ولن تطاوعهم إلى آخر الطريق، لأنها تخشى نور الحق الساطع، أو أنها على الأقل مبدئية على من يحملها في وجه الابرياء.  
خ.ب.إ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق